الصفوة
الثلاثاء 9 ديسمبر 2025 مـ 02:52 صـ 18 جمادى آخر 1447 هـ
موقع الصفوة
الديب مشيدا بحسم مصر لرئاسة «رياضة اليونسكو»: إنجاز جديد يعكس ثقة المجتمع الدولي احتفالا بعيد ميلادها الثالث.. ظهور «الكينج كوبرا» كحارس لأكبر مدينة العاب ترفيهية بالغردقة يجذب الأنظار نيفرلاند تستعد لعيدها الثالث.. مفاجآت غير مسبوقة تعيد تشكيل خريطة السياحة الترفيهية محمد شوقي يهنئ شقيقه عبدالعزيز بزفافه على هبة زكريا جايا تنظّم أول فعالية أوروبية من نوعها في مصر لتمكين ذوي الهمم ومحاربي السرطان بالفنون والرياضة مؤسسة «صناع التنمية».. بسمة أمل في عيون 500 طفل بمدينة نصر مدحت بركات: «إيديكس 2025» رسالة قوة تجسد مكانة مصر الإقليمية صدور رواية «عزف على جثث النساء» للسيد فلاح.. رعب يهزّ المعادي ويجدّد روح الأدب البوليسي العربي عبد الرحمن الصلاحي يكتب: إيديكس منصة تجمع الدبلوماسية بالقوة وتكشف ملامح مصر المستقبل أيمن عويان يعلن انسحابه من جولة الإعادة: أرفض أن أكون جزءًا من سباق تُستباح فيه إرادة الناس تعيين محمد عسران عضوًا منتدبًا للشركة المصرية للتنمية الزراعية والريفية المقدم أحمد يوسف.. عندما تتحول الوظيفة إلى رسالة إنسانية

أمّة الرحمن المطري تكتب: من محراب العبادة إلى خندق الحرب.. فصول مؤلمة في مساجد اليمن

الأمين العام للشبكة اليمنية للحقوق والحريات
الأمين العام للشبكة اليمنية للحقوق والحريات

منذُ انقلاب ميليشيا الحوثي على الدولة اليمنية، لم تتوقف سلسلة الجرائم والانتهاكات التي طالت كل ما هو مقدّس في حياة اليمنيين، حتى وصلت إلى بيوت الله — المساجد — التي كانت عبر التاريخ مناراتٍ للهداية، ومواطنَ للوحدة، وملاذًا للسكينة.
لكنّ المليشيا حولتها اليوم إلى ساحات صراع، ومواقع تعبئة، وميدان لتصفية الحسابات الفكرية والطائفية، في مشهدٍ لم يشهده اليمن من قبل، ولا يليق ببلدٍ كان يُعرف بتنوّعه الديني

لم تسلم المساجد في مناطق سيطرة الحوثيين من الاعتداء، بل أصبحت ضمن أهدافٍ ممنهجة لإسكات صوت الحق وتكميم الأفواه.
فمنذ السنوات الأولى للانقلاب، باشرت المليشيا سلسلة واسعة من الاقتحامات والإغلاقات، وصادرت المصاحف والكتب الشرعية، ومنعت الدروس والخطب التي لا تتماشى مع فكرها المؤدلج والمستورَد من إيران.
وفي محافظة ذمار وحدها، أغلقت الجماعة أكثر من مائة مسجد تابعة لطلاب العلم من أتباع الشيخ محمد الإمام، وصادرت مكتباتها، وحوّلت بعضها إلى مراكز تعبئة فكرية وطائفية.

أما في صنعاء وإب وعمران وصعدة، فقد طالت الانتهاكات عشرات المساجد، جرى فيها استبدال الأئمة والخطباء بخطباء موالين للجماعة، وظيفتهم الأساسية بثّ خطاب الكراهية والتحريض الطائفي بين صفوف المصلين.
لقد تغيّر صوت المنبر، وتبدّل مضمون الخطبة، وتحولت المآذن من نداءٍ للوحدة إلى أدواتٍ لتكريس الفرقة.


تجاوزت الجرائم حدود الفكر إلى الميدان، حين حوّلت الميليشيا عددًا من المساجد إلى مواقع عسكرية ومخازن أسلحة، بل استخدمت بعضها لإطلاق الصواريخ والطائرات المسيّرة.
بهذا الفعل الشنيع، لم تُدنَّس فقط قدسية بيت الله، بل جُرّ المجتمع كله إلى دائرة الخطر، وجُعلت أماكن العبادة أهدافًا في حربٍ لا تفرّق بين حجرٍ ومصلٍّ.

لقد عرف اليمنيون المسجد بيتًا جامعًا لا سلاح فيه إلا الدعاء، ولا راية تُرفع فيه سوى راية التوحيد، لكن المليشيا أرادت أن تُلبسه ثوب الحرب، وتحوّل محرابه إلى منصة صراعٍ دنيويّ، لا يمتّ إلى الدين بصلة.


إن ما يجري هو جزء من مشروعٍ فكريٍّ يسعى لطمس هوية الإنسان اليمني المسلم المعتدل، واستبدالها بهويةٍ طائفيةٍ مغلقةٍ تدين بالولاء للسلالة لا للوطن، وللرمز لا للقيمة.
فمن خلال فرض خطباء موالين، وتبديل المناهج الدينية، والسيطرة على مدارس تحفيظ القرآن، تسعى المليشيا إلى صناعة جيلٍ لا يعرف من الدين سوى طاعة القائد وتقديس الدم السلالي، جيلٍ يُفرَّغ من جوهر الإيمان ليُملأ بشعاراتٍ جوفاء تُستخدم كوقودٍ للحرب والانقسام.


حين يُغلق المسجد، لا يُغلق بابٌ من حجرٍ فحسب، بل يُطفأ مصباحٌ من نورٍ في قلب المجتمع.
لقد خسر اليمنيون شيئًا من روحهم حين تحولت بيوت الله إلى ساحات خوفٍ وريبة، وصار المصلون يتلفتون قبل أن يرفعوا أيديهم بالدعاء.
والأشدّ إيلامًا أن الميليشيا استبدلت صوت الدعاء بالـ“صرخة”، وجعلت من التكبير صيحةً حزبية تثير الضجيج بدل السكينة، تُردّد في بيوت الله كما لو كانت شعارًا سياسيًا لا عبادةً خالصة.
أزعجت اليمنيين في صلواتهم، وفي صمتهم، وفي وجدانهم، حتى صار الأذان الحزين يختلط بشعارٍ يُقال فيه ما لا يليق بمقام العبادة ولا بحرمة المكان.

تلك ليست حربًا على الجدران، بل حرب على الطمأنينة، على قدسية الإيمان، على نسيجٍ اجتماعي ظلّ لقرونٍ متماسكًا رغم العواصف.


الإيمان لا يُهزَم

ومهما اشتدّ ظلام الكراهية، سيبقى صوت الأذان أقوى من كل ضجيج الطائفية، وستبقى المآذن شامخةً تذكّرنا بأنّ في هذه الأرض قلبًا لا يزال يخفق بالخير.
فالحق لا يموت، والإيمان لا يُهزَم، وبيت الله لا يُغلق في وجه عباد الله.

موضوعات متعلقة