الصفوة
الخميس 2 أكتوبر 2025 مـ 04:13 صـ 9 ربيع آخر 1447 هـ
موقع الصفوة

عبد الرحمن الصلاحي يكتب: مصر العروبة ونصر أكتوبر الخالد

عبد الرحمن الصلاحي
عبد الرحمن الصلاحي

من اليمن أرض سبأ وحِمير، من وطنٍ تقاسمت معه مصر الدم والمصير، أكتب اليوم عن ذكرى السادس من أكتوبر، عن مصر التي لم تكن يوماً مجرد وطن بين الأوطان، بل كانت ولا تزال روح العروبة، قلبها النابض، ودرعها الحامي، وقبلة التاريخ وصانعة المواقف في ذلك اليوم من عام 1973، أهتزت الأرض تحت أقدام الجنود المصريين، وأنقشع ليل الإنكسار الطويل، وأرتفع فجر النصر على ضفاف القناة، ليعلن أن العرب قادرون على كسر القيود، وأن الكرامة إذا دافعت عنها مصر فإنها تنتصر، وأن إرادة الأمة لا تُقهر ما دامت مصر في قلبها وعلى رأس صفوفها.


لقد كان السادس من أكتوبر يوماً ليس ككل الأيام، كان يوم العبور العظيم، يوم تحطمت فيه أسطورة العدو، وتهاوت غطرسته أمام إيمان الجندي المصري وجرأته كان يوماً رأيناه جميعاً بأعين الروح، كأننا كنا هناك، على الضفة الغربية، ننتظر صرخة العبور، ثم نشارك في إندفاع الموج البشري المقدس وهو يجتاز القناة، حاملاً على كتفيه تاريخ العروبة كله.


في ذلك اليوم لم يكن الجندي المصري يقاتل عن أرض سيناء وحدها، بل كان يقاتل عن فلسطين، عن اليمن، عن الجزائر، عن دمشق وبغداد، عن كل ذرة تراب عربي تاقت للحرية كان يقاتل نيابة عن أمة كاملة.


قاد الرئيس الشهيد محمد أنور السادات تلك الملحمة بروح القائد العروبي المؤمن برسالته، فجعل من قرار الحرب قرار أمة بأسرها كان السادات بطلاً من طراز خاص، رجل لحظة قدرية فاصلة، قاد شعبه إلى النصر بجرأة وصبر ورؤية، وأثبت أن العرب إذا توحدت قلوبهم فلا قوة على وجه الأرض تستطيع أن تهزمهم.


واليمن تعرف مصر جيداً ليس من بطون الكتب فقط، بل من دماء أبنائها التي أختلطت بدماء المصريين الأبطال على جبالها وسهولها دفاعاً عن ثورة السادس والعشرين من سبتمبر المجيدة ومصر لم تتردد يوماً في دفع ثمن القومية العربية، ففي 1956 كان العدواني الثلاثي ثمناً لوقوفها مع الجزائر، وفي 1967 كان الإستهداف نتيجة لمواقفها القومية ولدورها في الجزيرة العربية مصر حملت العبء عن الجميع، وتقدمت الصفوف حين تراجع الآخرون، لأن قدرها الأبدي أن تكون الدرع الواقي والسيف البتّار للأمة كلها فالله جل شأنه وزّع الأقدار على الأوطان، فجعل لكل بلد ثروته، أما مصر فقد حباها الله ثروة القدر الأعظم: أن تكون حارسة الأمة، وصمام أمانها، وحامية الأمن القومي العربي والإقليمي، والمدافعة عن العروبة كلما ناداها الواجب.


واليوم يمضي الرئيس عبد الفتاح السيسي على خطى العظماء، شامخاً في مواقفه العروبية، جريئاً في دفاعه عن قضايا الأمة، وفي طليعتها القضية الفلسطينية لقد أعلن للعالم أجمع أن مصر لن تسمح بتهجير الشعب الفلسطيني، ولن تقبل بتصفية قضيته، وأن السلام لن يتحقق إلا بإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود الرابع من يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشرقية إنها مواقف لا يجرؤ عليها إلا قائد واثق بقدره وبدور بلاده التاريخي، مواقف تؤكد أن مصر ستظل ما بقيت، قلب العروبة وسيفها ودرعها الحامي.

إن نصر أكتوبر العظيم ليس ذكرى بعيدة نحفظها ونرويها، بل هو شعلة حيّة، رسالة أبدية تقول لنا لا هزيمة مع الإيمان، ولا إنكسار مع الوحدة، ولا ضياع لكرامة أمة تحمل في قلبها مصر.


فلتكن روح أكتوبر في عروقنا دماً، وفي قلوبنا إيماناً، وفي عقولنا عزيمة، ولندرك أن أمتنا لا تموت مادام أهل الكنانة حراسها وأملها
سلامٌ على مصر على جيشها العظيم وشعبها الصامد وقيادتها الرشيدة. سلامٌ على شهداء أكتوبر الذين رووا الأرض بدمائهم الطاهرة. سلامٌ على السادات بطل الحرب والسلام، وسلامٌ على الرئيس عبد الفتاح السيسي الذي يواصل حمل الرسالة العروبية بشجاعة القائد وصلابة الزعيم وسلامٌ على مصر التي شاء الله أن تكون قدرها أن تدافع عن نفسها وعن أشقائها وعن الأمة كلها، وأن تبقى للأبد قبلة التاريخ وصانعة المواقف وراية العزة وصرح الكرامة العربية.

المهندس / عبد الرحمن عبد الله الصلاحي
مدير وحدة الدراسات العلمية والبيئية والإستثمار
مركز البحر الأحمر للدراسات السياسية والأمنية – الجمهورية اليمنية

موضوعات متعلقة