أمة الرحمن المطري: المراكز الصفية في مناطق سيطرة مليشيا الحوثي معسكرات تعبئة تخدم مشروعًا طائفيًا دخيلًا

في خضمّ الحرب المستعرة في اليمن، لم تكتفِ مليشيا الحوثي بالسيطرة على مؤسسات الدولة، بل عمدت إلى إنشاء منظومة تعليمية موازية تحت مسمّى “المراكز الصفية”، وهي مراكز منتشرة بشكل مكثف في مناطق سيطرتها، تُستخدم كوسائل خطيرة لإعادة تشكيل وعي الأجيال، وغسل أدمغتهم، بما يخدم مشروعها الطائفي المرتبط مباشرة بالأجندة الإيرانية.
هذه المراكز لا علاقة لها بالتعليم الحقيقي، بل هي امتداد للمدارس العقائدية الإيرانية التي تُصدر الفكر الطائفي وتُغذّي العداء للمجتمعات السنيّة والدول العربية. يتم فيها تلقين الأطفال أفكارًا تتماهى مع الفكر الخميني، وتقديس قيادات الحوثي باعتبارهم “أولياء الله”، في استنساخ واضح لنموذج الحوزات المتطرفة في طهران وقم.
الخطورة لا تكمن فقط في تغييب التعليم الوطني، بل في بناء جيل جديد يرى العنف وسيلة مشروعة، ويحمل عداءً صريحًا لوطنه ومحيطه، ويُربّى على الولاء للمرجعية الإيرانية بدلاً من الانتماء اليمني. وقد وثّقت منظمات حقوقية، من بينها الشبكة اليمنية للحقوق والحريات، العديد من الحالات التي جرى فيها تحويل الأطفال بعد هذه الدورات إلى مقاتلين في الجبهات، أو خطباء تعبويين يُبشّرون بالموت، ويُحرّضون على الفتنة.
إن المراكز الصفية اليوم تمثل حاضنة فكرية للحوثي ومشروعه الإيراني، وهي أخطر من أي سلاح تقليدي، لأنها تهدد الهوية اليمنية، وتمزق النسيج الاجتماعي، وتحول المدارس من منابر علم إلى معسكرات تعبئة طائفية.
المعركة اليوم لم تعد فقط عسكرية، بل باتت معركة وعي وهوية، وإذا لم ننتبه إلى ما يُزرع في عقول أطفالنا اليوم، فإننا سنُفاجأ غدًا بجيل منزوع الولاء، غريب عن تاريخه، ومبرمج لخدمة مشروع طائفي دخيل لا يمثل اليمن ولا أهله.