عبدالرحمن الصلاحي يكتب: مصر قلعة العروبة وصانعة التاريخ

في ظل التحولات الإقليمية والدولية المتسارعة، تظل جمهورية مصر العربية بقيادة فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي، شامخة كالطود العظيم، تحمل لواء القيادة العربية بحكمة التاريخ وثبات الإرادة. إنها مصر التي كتبت بدماء أبنائها ملاحم الدفاع عن العروبة، وتواصل اليوم كتابة فصول جديدة من البطولة في الذود عن مصالح الأمة.
لقد أظهرت الأزمات المتلاحقة في المنطقة أن مصر تمتلك رؤية استباقية قادرة على قراءة المشهد الإقليمي بدقة، وصياغة المواقف العربية المشتركة بحكمة بالغة.
الدبلوماسية المصرية التي تتحرك بخطى ثابتة تحت القيادة الحكيمة لفخامة الرئيس السيسي، تنجح دوما ً في الجمع بين الشرعية الدولية والمصالح العربية، بين متطلبات المرحلة وثوابت الأمة. فهي لا تتعامل مع الأزمات كوقائع منعزلة، بل كحلقات متصلة في إطار الرؤية الاستراتيجية الشاملة للأمن القومي العربي.
إن صناعة القرار العربي الصحيح في مصر تقوم على أسس ومبادئ بفهم عميق لتحالفات القوى الإقليمية والدولية، وإدراك دقيق لتوازنات القوى، ووعي تام بجغرافيا الصراعات، إلى جانب الحفاظ على الثوابت والمبادئ العربية. هذه المعادلة الدقيقة هي ما جعلت من الموقف المصري مرجعا ًيعتد به في كل المحافل الدولية.
وفي الوقت الذي تشهد فيه المنطقة محاولات لفرض سياسات الأمر الواقع، تظل مصر حريصة على أن يكون القرار العربي وليد إرادة حرة مستقلة، معبرا ًعن تطلعات الشعوب العربية، حاميا ً لمصالح الأمة العليا، مستندا ً إلى الشرعية الدولية ومبادئ القانون الدولي.
لقد أثبتت جمهورية مصر العربية عبر مسيرتها الطويلة أنها ليست مجرد دولة بين دول العالم العربي، بل هي عموده الفقري وقلبه النابض، والمدرسة التي تخرج منها قادة التحرير، والحصن الذي يحمي حدود الأمة من أطماع الغزاة حاملة على عاتقها مسؤولية الدفاع عن مصير الأمة ومستقبلها، وتعمل بلا كلل لتحقيق الاستقرار والأمن والسلام في ربوع المنطقة العربية. هذا الدور التاريخي لم يأتِ من فراغ، بل هو نتاج رؤية إستراتيجية عميقة تضع مصلحة الأمة فوق كل إعتبار.
لقد وقفت مصر مع السودان الشقيق، كالأخ الأكبر الذي لا يتخلى عن أشقائه، وبذلت جهودا ًجبارة لإستعادة مؤسسات الدولة وحمايتها من الانهيار. لم تكن مجرد مواقف سياسية، بل كانت إرادة صلبة تجسدت في دعم كل مساعي المصالحة الوطنية، والحفاظ على وحدة التراب السوداني، وتقديم العون الإنساني الذي خفف من معاناة الشعب السوداني الأبي.
وعندما أشتعلت الأزمة الليبية، كانت مصر حاضرة بقوة لترسم خارطة طريق للخلاص من الفوضى. رافضة كل أشكال التدخل الأجنبي ومحاولات تقسيم ليبيا، ودعمت الحلول السياسية التي تحفظ للشعب الليبي حقه في تقرير مصيره. كانت الرؤية المصرية واضحة: لا مكان للميليشيات ولا للقوى الخارجية في تحديد مستقبل ليبيا.
وفي فلسطين الحبيبة، تظل جمهورية مصر العربية صوت الحق المدوي في المحافل الدولية، والدرع الحصين الذي يحمي المقدسات من العبث. لقد تصدت بكل حزم لمحاولات التهجير القسري، وكانت جسر العبور الآمن للمساعدات الإنسانية، وقائدة التحالفات العربية والدولية للدفاع عن الحقوق الفلسطينية. إنه موقف لا يعرف المساومة أو التراجع، لأنه نابع من إيمان راسخ بأن القدس عربية إسلامية، وأن القضية الفلسطينية هي قضية العرب الأولى.
وفي سوريا، كانت مصر طرفاً فاعلاً في البحث عن حلول سياسية تحفظ وحدة الأراضي السورية، وترفض كافة أشكال التقسيم والتفتيت. دعمت كل الجهود الرامية إلى إعادة الإعمار والمصالحة الوطنية، مع الحفاظ على مؤسسات الدولة السورية.
أما في اليمن العزيز، تؤكد مصر أن الحل السياسي الشامل والعادل هو الطريق الوحيد لإنهاء المعاناة، مع الحفاظ على وحدة اليمن وسيادته وسلامة أراضيه. لقد دعمت القاهرة كل الجهود الأممية والإقليمية لإحلال السلام، وعملت على تعزيز الحوار بين الأطراف اليمنية. مصر ترفض أي تدخلات خارجية تهدد الوحدة اليمنية، وتؤمن بأن مستقبل اليمن يجب أن يقرره اليمنيون أنفسهم دون إملاءات. إن دعم مصر لليمن ليس جديداً، بل هو إمتداد لعلاقة تاريخية متجذرة في عمق الزمن، تقوم على الأخوة والشراكة الإستراتيجية.
ولم تكتف مصر بكل هذا، بل فتحت ذراعيها لإحتواء ملايين الأشقاء من سوريا واليمن والسودان وليبيا. لقد تحملت أعباء إنسانية جسيمة، وأستقبلت الأشقاء بكل ترحاب، دون تمييز أو تفرقة، في مشهد يعكس سمو الأخلاق المصرية الأصيلة، وتجسيداً حياً لقيم العروبة التي تضع الإنسان العربي في المقام الأول.
نرفع أسمى آيات التحية والإجلال لجمهورية مصر العربية، قيادةً وحكومةً وشعباً. تحية لفخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي، الذي يقود مسيرة الأمة بحكمة القادة العظام وثبات الأبطال. تحية للشعب المصري العظيم الذي يقدم دروسا ً في العطاء والتضحية. تحية للجيش المصري الباسل، حامي حمى العروبة، الذي يضحّي بكل غالٍ ونفيس في سبيل أمن الأمة وكرامتها.
فمصر بحق.. هي الأمة التي تحمل هم العرب جميعاً، وتقود بثبات سفينة الأمة نحو بر الأمان، وتظل بإذن الله حصن الأمة المنيع وقلعتها الحصينة، وصاحبة القرار العربي الصائب في كل المحطات المصيرية.
مصر قلعة العروبة وصانعة التاريخ
بقلم المهندس / عبد الرحمن عبد الله الصلاحي
مدير وحدة الدراسات العلمية والبيئية والإستثمار
مركز البحر الأحمر للدراسات السياسية والأمنية – الجمهورية اليمنية