السبت 27 أبريل 2024 مـ 08:15 مـ 18 شوال 1445 هـ
موقع الصفوة
رئيس التحرير محمد رجبالمشرف العام رحاب غزالة

د منال خيري تكتب Cop28 والتحديات الإقتصادية العالمية

ا.د منال خيري
ا.د منال خيري

شكل اتفاق مؤتمر المناخ "كوب-28" الذي يدعو إلى التخلي تدريجيا عن الوقود الأحفوري، بما في ذلك الفحم والنفط والغاز الطبيعي، والانتقال نحو الطاقة المتجددة والمستدامة، معضلة اقتصادية كبيرة في الدول المصدرة للنفط
ويتضمن اتفاق "كوب-28" الذي اختتم مؤخرا في الإمارات، التزام الدول الموقعة باتخاذ إجراءات للحد من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، بما في ذلك خفض الاعتماد على الوقود الأحفوري، وينص الاتفاق على أن الدول الموقعة ستعمل على الانتقال إلى مصادر الطاقة المتجددة، وتعزيز كفاءة استخدام الطاقة، ودعم البحث والتطوير في مجال الطاقة النظيفة.
وحول تأثير هذا الاتفاق يرى البعض أن تنفيذ التوصيات التي تضمنها الاتفاق قد يؤدي إلى تراجع تدريجي في الطلب على النفط العالمي، مما قد يؤثر سلبا على الصادرات النفطية . في حين يعتقد البعض الآخر أن الطلب على النفط سيظل قويا في المدى المتوسط، وبالتالي فإن الصادرات لن تتأثر بشكل كبير.
وفي هذا الصدد يرى الخبراء إن توصيات مؤتمر "كوب-28" بشأن التخلي عن الوقود الأحفوري لا يوجد نطاق زمني محدد لتطبيقها، بالإضافة إلى أن خفض الاستهلاك العالمي للوقود الأحفوري هي مسألة صعبة وشائكة، وبخاصة من جانب الدول المنتجة والمصدرة للنفط.
ومن المتوقع أن يؤدي انتقال الدول الصناعية الكبرى إلى تطبيق توصيات اتفاق "كوب-28" إلى انخفاض الطلب العالمي على النفط على المدى الطويل، وذلك لأن هذه الدول ستحتاج إلى وقت لتنفيذ سياسات التحول إلى الطاقة النظيفة، التي ستؤدي إلى انخفاض اعتمادها على الوقود الأحفوري، بما في ذلك النفط.
و تواجه الدول الخليجية منافسة شديدة بسبب الكميات الكبيرة من النفط القادمة من أميركا وكندا والبرازيل، وتنتج هذه الدول كميات كبيرة من النفط الخام، مما يؤدي إلى انخفاض الأسعار العالمية للنفط، وذلك لأن هذه الكميات ستؤدي إلى زيادة المعروض العالمي من النفط، مما سيؤدي إلى انخفاض الأسعار".
أن هذه الكميات تضغط على دول أوبك بلس لخفض إنتاجها، وذلك في ظل سعيها للحفاظ على أسعار النفط عند مستويات مناسبة لها، وبما يلقى الضوء على انخفاض الاسعار مستقبلا ، ولذلك فعلى الدول المنتجة والمصدرة للنفط ان تعمل على :
تنويع اقتصاداتها
خفض اعتمادها على النفط
الاستثمار في الطاقة النظيفة
تطوير الصناعات التحويلية
تعزيز الاستثمار الأجنبي المباشر
إن إنتاج العالم حاليا من النفط يفوق أكثر من 100 مليون برميل يوميا، وهذه احتياجات العالم من الطاقة، والوسائل التقنية والتكنولوجية الموجودة للاستغناء عن هذه المصادر وتحويلها إلى مصادر متجددة وصديقة للبيئة ليست كافية حتى الآن، ولكن العمل عليها وإيجاد حلول لهذا الأمر عمل مستمر، ليس فقط بهدف الحفاظ على البيئة ولكن بهدف اقتصادي أيضا يتمثل في تقليص الدول لنفقاتها على الوقود الأحفوري.
ويتوقع ألا تحدث تأثيرات تذكر على المدى القريب فيما يخص صادرات الخليج بسبب اتفاق "كوب-28″، أنه "مع اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية ومع بداية وقف إمدادات النفط الروسي رأينا كيف بحثت جميع الدول عن مصادر وممولين جدد للغاز وللنفط ولم تكن مصادر الطاقة المتجددة كافية لسد حاجات السوق الأوروبية وبعض الدول فيها".
تتطلب عملية تحول الطاقة ضخ استثمارات هائلة في قطاع الطاقة المتجددة مما يؤدي إلى زيادة الطلب والإنتاج عبر القطاعات الاقتصادية، مثل البناء والتصنيع، مما يترتب عليه تأثير إيجابي على الناتج المحلي الإجمالي العالمي، ولهذا فقد أكد تقرير “الوكالة الدولية للطاقة المتجددة” على أن تحول الطاقة سيترتب عليه آثار اقتصادية واجتماعية إيجابية.
وبالنسبة لمصر، سيساهم التحول بعيدًا عن الوقود الأحفوري نحو مصادر الطاقة المتجددة في خفض فاتورة واردات الطاقة، ومن المتوقع أن يؤدي انخفاض واردات الوقود إلى تحسين الميزان التجاري بنحو 1.3 تريليون دولار خلال الفترة 2021-2050.
إلى جانب ذلك، من الممكن أن يساهم تحول الطاقة في مساعدة البلاد على تحقيق مستهدفاتها المتعلقة بخفض معدل البطالة إلى 5% بحلول عام 2030، وذلك من خلال خلق المزيد من فرص العمل في قطاع الطاقة المتجددة تتراوح بين حوالي مليون وظيفة إلى 1.5 مليون وظيفة، حيث ستعوض تلك الزيادة فقدان الوظائف في قطاع الوقود الأحفوري. وفي عام 2050، من المرجح أن نسبة 10.9% من إجمالي الوظائف في قطاع الطاقة ستظل بقطاع الوقود الأحفوري، وهو ما يمثل انخفاضًا كبيرًا عن النسبة الحالية البالغة 62.7%. اضافة على ذلك، ستؤثر عملية تحول الطاقة على تحسين رفاهية الإنسان بسبب زيادة إمكانية الوصول إلى الكهرباء، وتحسين الصحة العامة من خلال مواجهة تلوث الهواء وإدارة النفايات بشكل أفضل

أ.د.منال خيري استاذ اقتصاد جامعة حلوان