الخميس 2 مايو 2024 مـ 02:38 مـ 23 شوال 1445 هـ
موقع الصفوة
رئيس التحرير محمد رجبالمشرف العام رحاب غزالة

“هيكل”.. صحفي بدرجة وزير (بروفايل)

عَلِق اسمه في أذهان الكثيرين لعقود طويلة، تارة يلقبه البعض بـ”عميد الصحافة المصرية” وأخرين يعتبرونه “أحد أعمدة الإعلام العربي”، بعدما نجح في تسطير اسمه في كتب التاريخ بحروف من نور.. إنه الكاتب الكبير محمد حسنين هيكل، الذي تحل اليوم 17 فبراير ذكرى رحيله.. لذا يتحدث “الطريق” في السطور التالية، عن مسيرته الحافلة..

ولد الكاتب الصحفي الكبير محمد حسنين هيكل عام 1923، وتمكن من أن يحظوا على شهرة عالمية غير عادية بعد أن تولى رئاسة تحرير صحيفة الأهرام المصرية، لكن نبوغه وعبقريته الصحفية بدأت أن تظهر قبل أن يتمكن من الوصول إلى هذا المنصب بمراحل.

تخرج هيكل من جامعة القاهرة، وعمل بعد التخرج مباشرة كمحرر في صحيفة “Egyptian gaziet”، والتي كانت تصدر بالإنجليزية، ولفت نبوغه نظر رئيس التحرير وأختاره لكي يشارك فى تغطية بعض معارك الحرب العالمية الثانية فى مراحلها المتأخرة.

أتاح العمل الصحفي لهيكل، عندما كان مراسلا متجولا، فيما بين 1946 و1950 السفر والتنقل وراء الأحداث من الشرق الأوسط إلى البلقان، وإفريقيا، والشرق الأقصى حتى كوريا.

ألتحق هيكل بمجلة “روزاليوسف” الأسبوعية، وعمل في الفترة من عام 1953 وحتى عام 1956 في مجلة “أخر ساعة” لينتقل بعد ذلك إلى العمل في صحيفة “أخبار اليوم”، تحديدا عام 1957، لتدخل أخبار اليوم منعطف تاريخي جديد بسبب الكاتب الكبير، خلال تلك الفترة الممتدة من 1957 حتى 1974 ذاعت سمعة الصحيفة، لدرجة أنها عرفت بنيويورك تايمز العالم العربي، بسبب مقالات هيكل الأسبوعية التحليلية، والتي كانت تنشر تحت عنوان “بصراحة” التي كان يكتبها وكانت تغطي أحيانا صفحة كاملة.

كان “هيكل” على مدى سنوات صديقا مقربا للرئيس المصري السابق جمال عبد الناصر، وعندما تولى عبد الناصر السلطة عين هيكل رئيس تحرير لصحيفة الأهرام، لكن صداقتهما بدأت أثناء حرب فلسطين عام 1948، فبعد سفر “هيكل” إلى أرض المعركة وإتمامه تغطية كاملة عنها، وكتابة رؤيته وبعض المحاور عن مختلف الظروف التي تتعلق بالحرب، حرص “ناصر” على التواصل معه وطلب مقابلته ولم يجد فيه مجرد صحفي يمتلك معلومات جيدة، فقد أكتشف فيه من العبقرية ما يؤهله لكي يكون مستشارا أول له في مختلف القضايا السياسية الحساسة، لدرجة أنه كان مصاحب له في العديد من جولاته السياسية والدبلوماسية.

أدخل “هيكل” تحسينات كبيرة على أسلوب الصحيفة من حيث الدقة والموضوعية، مخففا من النغمة العاطفية المثيرة التي عرفت بها، وكان يصر على حسن الجودة في إنتاجها أيضا، وحرص في هذه الرحلة على الاستعانة بالشباب من الخريجين الجامعين ودربهم للعمل في التحقيقات الصحفية، وأسس مركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية.

خلال توليه رئاسة تحرير الأهرام، شغل هيكل أيضا منصب رئيس مجلس الإدارة فيما بين 1959 و1974، ونجح خلال عمله في تأسيس علاقات صحفية دولية جعلت الأهرام طرفاً فى أوضاع الإعلام العالمى وتوجهاته وفى العلاقات بين عواصم العالم المتعددة.

وخلال رحلته الطويلة في الصحافة نجح هيكل في توطيد علاقته ببعض الحكام والملوك والرؤساء، الذين كان من أبرزهم، الملك عبد الله أول من حكم الأردن، وأحمد بن بلة، أول رئيس للجزائر بعد استقلالها عام 1962، ومحمد رضا بهلوي آخر حكام إيران، وآية الله الخميني زعيم الثورة الإيرانية التي أنهت حكم الشاه عام 1979.

حاور الكاتب محمد حسنين هيكل أغلب الرموز السياسية والثقافية والفكرية في القرن العشرين، وكان منهم عالم الفيزياء ألبرت أينشتاين، والقائد البريطاني الفيلد مارشال برنارد مونتجمري، والزعيم الهندي جواهر لال نهرو، وصدرت هذه المحاورات في كتابه زيارة جديدة للتاريخ. هيكل وغسان تويني هيكل وغسان تويني وكان الكاتب الكبير عضوا في اللجنة المركزية في الاتحاد الاشتراكي العربي من 1968 وحتى 1974، كما شغل منصب وزير الإرشاد القومي من أبريل وحتى أكتوبر 1970.

ألف هيكل العشرات من الكتب، ولأنه من الصعب أن نذكرها كافة، سنحاول تناول أمثلة منها، حيث كان من أهمها: “عبد الناصر: وثائق القاهرة”، و”الطريق إلى رمضان”، و”خريف الغضب” الذي انتقد فيه السادات، و”حرب الثلاثين سنة”، والذي تم عرضه في عدة أجزاء، تلك الكتب التي لابد من الإلتفات إلى أن جميعها تم ترجمتها إلى اللغة الإنجليزية، علاوة على غيرها من الكتب.

رحل جسد الكاتب الكبير محمد حسنين هيكل عن عالمنا في السابع عشر من فبراير عام 2016، لكن أعماله وكتاباته وفكره لا يزالون بيننا يتشرف بها كل صحفي ومثقف عربي.