الثلاثاء 19 مارس 2024 مـ 01:44 مـ 9 رمضان 1445 هـ
موقع الصفوة
رئيس التحرير محمد رجبالمشرف العام رحاب غزالة

مدحت بركات يكتب: وباءٌ وإرهاب

مدحت بركات
مدحت بركات

ليس من قبيل المبالغة إن قُلنا إن مصرَ هي الدولةُ الوحيدة في العالم الآن، التي تواجه تحديات وباء كورونا والإرهاب في سيناء في آن واحد، لكنها أقدَار الدول.

فالدولةُ المصرية اليوم تمرُّ بتحدّيات كبيرة، كما تمر بظروف خاصة فهي تواجه وباءً قاتلًا وإرهابًا غاشمًا في سيناء، ومخاطر شديدة علي حدودها مع جارتها الغربية ليبيا وفي الوقت نفسه تواصل معركة بناء الوطن.

فوجبَ علينا أن نقوم بواجبنا الديني والوطني، في مشاركة الدولة المصرية المسؤولية، للانتصار علي التحديات التي تواجهها.

أولاً: تحدي الآثار السلبية في انتشار وباء كورونا القاتل، وما يسببه من تجميد وغلق لآفاق الاقتصاد المصري.

أعلن وزير المالية المصري أن الاقتصاد الوطني تعرض لخسائر تقدر بـ100 مليار دولار، حيث انخفضت الإيرادات العامة وعائدات السياحة وقناة السويس، كما انخفضت حصيلة التصدير وتحويلات المصريين في الخارج، كما انخفض الاحتياطي بنحو 8 مليارات دولار في شهرين فقط، حسب بيانات البنك المركزي، أمس الخميس، ما يعني أن ميزانية الدولة لن تتحمل مزيدًا من الأعباء تثقل كاهل الموازنة، مع استمرار الوضع كما هو عليه لمدة شهرين قادمين، سوف يدخل الاقتصاد في منطقة خطرة وصعبة، لأن خسائر الاقتصاد تظهر نتائجها سريعًا.

من المُسلّم به أن الأزمة ليست مقتصرة علي مصر فقط، فكل دول العالم بلا استثناء قد طالتها كارثة كورونا، وشلت حركة التنمية بها، وهناك دول أوقف تصدير محاصيلها، بينما لجأت شركات عالمية لتسريح موظفيها على التوازي مع انهيار ضرب صناعة النفط العالمية، في أكبر مشهد ركود في العالم، فضلا عن انهيار البورصات ودخول العالم في نفق طويل من الكساد، بينما لا يلوح ضوء في الأفق حتى الآن.

ولجأ الناس إلى شراء احتياجاتهم الضرورية من الطعام والدواء، وتخلوا عن أحلام الرفاهية، وشراء ما ليس ضروريًا، بعد إغلاق أبواب الرزق من محال وكافيهات وشركات وورش وصناعات صغيرة وكبيرة علي حد سواء.

في المقابل أعلن صندوق النقد الدولي أن العالم على مشارف كساد وانكماش اقتصادي كبير، بسبب تداعيات كورونا.

كل دول العالم بلا استثناء تحاول فتح قطاعاتها الاقتصادية وإعادة الحياة لما كانت عليه بالتدريج، فلم تعد هناك دولة تتحمل استمرار الوضع الحالي، خاصة في ظل عدم ظهور بوادر لانتهاء كابوس الوباء، وعدم معرفة موعد انتهائه، والافتقاد لوجود علاج حاسم.

في الولايات المتحدة علي سبيل المثال لم تتحمل الدولة وقف الإنتاج رغم الوضع المعقد فيها، وتجاوز الإصابات حاجز المليون إصابة وأكثر من 66 ألف وفاة، وكسر المواطنون الحظر عنوة، كما اتجهت إيطاليا إلى فتح المطاعم كما تنوي ألمانيا إعادة فتح المدارس والمصانع والمنشآت.

كل دول العالم قررت فتح اقتصادها وخطوط الإنتاج، لأنها لم تعد تتحمل توقف عجلة التجارة والاقتصاد والمال، والسؤال هنا: كيف تعود وتدور عجلة الإنتاج وسط هذا الوباء.. ومتى ستدور؟

هنا تجد دول العالم نفسها بين مطرقة الوباء وسندان الشلل الاقتصادي فاختيار التوقيت صعب جدا أمام صناع القرار، فلو عادت عجلة الاقتصاد مبكرا دون ضوابط لأهلكت ملايين الأرواح، ولو تأخرت فسيضرب الفقر وربما الجوع دول العالم، فنحن أمام خيارين (الحياة أو الفقر).

والسؤال هنا كيف نحلّ المعادلة الصعبة، بين أن نعيد حركة الاقتصاد وفي نفس الوقت نحافظ على صحة الناس؟

الحل...

نحن لسنا بمعزل عن دول العالم، وما يحدث في الدول الأغنى منا سوف يحدث لدينا، والسبب الحقيقي لصمودنا في وجه تلك الجائحة هو ثمار عملية الإصلاح السياسي، التي بدأتها الدولة عام 2016، ولكن لن تتحمل توقف الاقتصاد أكثر من ذلك، وإذا استمر الوضع سندخل في دائرة الفقر المدقع، لذا يجب علينا التفكير بطريقة أخرى وهي سُبل التعايش من الوباء والاحتراز من تفشيه، كما تتجه معظم دول العالم، وإعادة فتح منشآت الإنتاج والصناعة مع الأخذ في الاعتبار أقصى درجات الحيطة والحذر وكافة الإجراءات الوقائية فحياة المواطن هي الأساس في كل ذلك.

مع وضع عقوبات صارمة وفورية لمن يخالف التعليمات الطبية وإجراءات السلامة الشخصية، ومن هنا يؤكد حزب "أبناء مصر" مشاركته في خطة التعايش مع الفيروس، انطلاقا من دوره التوعوي والتثقيفي، وقيامه بتوعية المواطنين بحقيقة وخطورة الظرف الحالي.

لنكن صرحاء مع أنفسنا نحن في وضع صعب عزيزي المواطن المصري، ويجب الالتزام بكل إجراءات السلامة للعبور من ذلك الوباء اللعين، والمحافظة علي بعضنا البعض.

ثانيا: التحديات التي تواجه الدولة في مواجهة الإرهاب في سيناء في ضوء حادث بئر العبد.

هناك حكمة في علم السياسة تقول "إذا سقطت دولة ما بكامل أركانها، فإن جيشها قادر علي إعادة بنائها في غضون 5 سنوات، فالقادة العسكريون مؤهلون لذلك، أما إذا انهار جيش دولة ما فإنها في حاجة إلى مئة عام لإعادة بنائه".

وأعداء مصر يعلمون تلك المقولة لذا يعملون جاهدين ليل نهار لإسقاط الجيش المصري، وتشويهه، لكنهم لن يستطيعوا لذلك سبيلا إذ للجيش المصري مكانة خاصة في قلوب المصريين، ويعلمون أنه الدرع الواقي علي مدار التاريخ.

نحن كحزب أبناء مصر نفخر بقواتنا المسلحة ماضيها وحاضرها ومستقبلها، فالقوات المسلحة هي العون والسند والملاذ الآمن للمصريين، على مر العصور والأوقات ليس للشعب المصري فقط ولكن للشعوب العربية والإسلامية.

نحن حزب أبناء مصر نقدم التحية والتقدير والاحترام لكل شهيد ضحى من أجل الوطن، ومن أجل أن نعيش بحرية وكرامة، وواجب علينا أن نرسخ في الأجيال القادمة كل تلك التضحيات وكل من ساهم في الحفاظ علي حرية هذا الوطن ومات في سبيله، ونعلم قوى الظلام أنه كلما مات شهيدٌ جاء ألف شهيد يسير علي درب التضحية والفداء، منتهجا منوال سَلفه في الزود عن تراب الوطن.

إن قواتنا المسلحة حررت الأرض واستردت الكرامة الوطنية التي لا تعيها تلك الفئة الضالة والمُضلة، واليوم تسطر القوات المسلحة صفحة جديدة في تاريخها البطولى وتثبت كل يوم أنها درع الشعب وسيفه، وستبقى قوية باطشة ومقتدرة على دحر ذئاب الإرهاب واجتثاثه.

نسأل الله تعالى أن يحفظ شعبنا وجيشنا ووحدتنا، وأن يحفظ مصر عزيزة قوية، وأن يجعل أيامنا كلها نصر وفخر وأن يزيل عنا البقاء والوباء والمرض.. فالله تعالي قادر علي كل شيء.