عبدالرحمن الصلاحي يكتب: صمود دبلوماسي في وجه العاصفة دفاعا عن فلسطين والأمة العربية

منذ فجر التاريخ، وقفت جمهوية مصر العربية شامخة كحارس أمين للعروبة والإسلام، تحمل رسالة الدفاع عن الحق والعدل، وتُجسّد إرثاً عريقاً من النضال ضد الاستعمار والظلم. وفي قلب هذه الرسالة، تظل القضية الفلسطينية هي القضية المركزية التي لا تحتمل مساومة ولا إنحراف، لأنها ليست مجرد صراع على أرض، بل معركة وجود وكيان لهوية الأمة العربية برمتها.
لقد أكدت المواقف المصرية الرسمية، و الدبلوماسية والخطب التاريخية لقادتها، أن فلسطين هي خط أحمر لا يُمس. ففي عام ١٩٧٧، وقف الرئيس الراحل أنور السادات في الكنيست الإسرائيلي ليُعلن للعالم أن السلام الحقيقي لن يتحقق إلا باستعادة الحقوق الفلسطينية كاملة، وهو الموقف الذي تكرس لاحقاً في معاهدة السلام المصرية الإسرائيلية عام ١٩٧٩، حيث ظلت القاهرة حريصة على ربط أي تسوية بإنهاء الاحتلال وإقامة دولة فلسطينية مستقلة.
ولم تكن مصر يوماً مجرد متفرج على معاناة الأشقاء الفلسطينيين، بل كانت دوماً العاصمة التي تُشع نور الأمل في أحلك الظروف. ففي عام ٢٠١٨، استضافت القاهرة مؤتمر المصالحة الفلسطينية برعاية الرئيس عبد الفتاح السيسي، الذي أكد أن "فلسطين لن تُباع ولن تُنسى"، في إشارة واضحة إلى رفض ما يُسمى بـ"صفقة القرن" التي حاولت تصفية القضية الفلسطينية تحت مسميات زائفة. كما ظلت مصر، عبر منابر الأمم المتحدة وجامعة الدول العربية، ترفع صوتها عالياً ضد جرائم الاحتلال في غزة والضفة الغربية، وتدعو المجتمع الدولي إلى تحمل مسؤولياته الأخلاقية والقانونية تجاه شعب يُحاصر منذ عقود.
ولا يقتصر الدور المصري على الشجب والإستنكار، بل يتعداه إلى العمل الدؤوب على الأرض. ففي مايو ٢٠٢١، قادت مصر جهوداً دبلوماسية مكثفة لوقف العدوان الإسرائيلي على غزة، ونجحت في إبرام هدنة عبر وساطتها، مما أعاد تأكيد مكانتها كفاعل رئيسي لا غنى عنه في صنع السلام الإقليمي. كما حرصت القاهرة على توحيد الصف الفلسطيني، لأنها تدرك أن الدولة المنشودة لن تقوم إلا بوحدة وطنية رصينة ترفض الإنقسام وتواجه التحديات بمشيئة واحدة.
وفي خضم العدوان الإسرائيلي الأخير على قطاع غزة، هزّ الرئيس عبد الفتاح السيسي ضمير العالم بكلمته التاريخية التي أعادت إلى الأذهان مواقف مصر العروبية الأصيلة، حين أعلن بصوته الواضح الجهور " لا لتهجير الفلسطينيين.. هذا خط أحمر"، ليُرسي بذلك قاعدة راسخة في السياسة المصرية تُجسّد إرثاً نضالياً يمتد من عهد عبد الناصر إلى يومنا هذا.
وفي السياق العربي الأوسع، لم تتوان مصر عن الوقوف مع كل القضايا العادلة للأمة. ففي ذروة الأزمات الخليجية والأحداث التي هزت المنطقة، ظلت القاهرة تدعو إلى التضامن العربي ورفض التدخلات الأجنبية التي تستهدف تمزيق النسيج العربي. كما دعمت مصر حقوق سوريا وليبيا واليمن والسودان في إستعادة إستقرارها وسيادتها، مؤكدة أن الأمن العربي كتلة واحدة لا تتجزأ.
إن مصر، برؤيتها الثاقبة وإرثها النضالي، تعيد للأمة العربية هيبتها المفقودة، وتُذكّر العالم بأن العروبة ليست شعارات، بل مبادئ تُترجم إلى أفعال. فكما قادت معركة التحرير في ١٩٧٣، فإنها اليوم تقود معركة الدبلوماسية والعمل الجماعي لتحقيق السلام العادل، الذي لن يكتمل إلا بعودة الحقوق إلى أصحابها، وإقامة دولة فلسطينية مستقلة على حدود ٦٧ بعاصمتها القدس الشرقية.
لقد حافظت مصر على عهدها مع التاريخ، وستظل قلعة صامدة في وجه كل المؤامرات، لأنها تعلم أن مستقبل الأمة العربية مرتبط بمستقبل فلسطين، وأن زوال الاحتلال ليس خياراً، بل مصيراً محتوماً ستحققه إرادة الشعوب وثبات القيادات. فمصر، برمالها الذهبية ونيلها الخالد، ستظل نبراساً يُضيء درب الأمة نحو الحرية والكرامة، لأنها ببساطة أم الدنيا، وصانعة التاريخ.
تحية إجلال وإكبار لفخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي - رئيس جمهورية مصر العربية، ولجيش مصر الباسل، وشعبها الأبي الصامد، الذين يتصدون كجدارٍ منيعٍ في مواجهة كل المخططات والمؤامرات ..تحيا مصر.
المهندس / عبد الرحمن عبد الله الصلاحي
مدير وحدة الدراسات العلمية والبيئية والإستثمار
مركز البحر الأحمر للدراسات السياسية والأمنية – الجمهورية اليمنية